السلام عليكم
أولاً، لا بد من القول أن موسوعة ويكبيديا فيها من المعلومات مما لا يعتد به ولذلك ينبغي التعامل معها بحذر.
اللغة العربية اليوم ذات مستويين من ناحية الاستخدام الفعلي في الحياة:
1. الاستخدام الرسمي (الكتب، الوثائق الرسمية، البحوث، الخـُطـَب والكلمات التي تلقى في محافل رسمية، الاخبار والتقارير والتعليقات الاذاعية والتلفزيوينة، والصحف والمجلات، الخ) وهذاهو ما يسمى باللغة الفصيحة، ويسميها الباحثون الغربيون وبعض العرب (العربية الحديثة) أو Modern Standard Arabic (MSA) ، فهي "حديثة" لأنها تقارن بالعربية "القديمة" الكلاسيكية، وهي "معيارية" لأنها تقارن باللهجات المحلية في الدول العربية. المقارنة بين العربية "القديمة" والعربية المعاصرة هي اسلوبية من ناحية استخدام الكلمات والتراكيب (بالاضافة الى تأثير الاسلوب الركيك والمنقول نقلا قسريا من لغات أخرى في الترجمات وووسائل الاعلام على عربية اليوم فجعل الكثير من الكتابات ضعيفة اللغة). ربما قليل من كلماتي والتراكيب التي استخدمها هذه ليست من العربية الكلاسيكية وبذلك لا يمكن القول أنهما لغتان مختلفتان.
وهذه هي ليست "اللغة الأدبية" كما تسميها ويكبيديا لأن اللغة الأدبية هي اللغة الفصيحة يضاف اليها الاسلوب الأدبي، فالاسلوب الأدبي لا يستخدم أينما كان.
2. الاستخدام اليومي (الحديث مع العائلة والاصدقاء والزملاء وسائق الحافلة والباعة في مختلف المحلات الخ) وهذا الاستخدام اللغوي هو ما يسمى بالعامية مقارنة باللغة الرسمية، وهي لهجة لأنها اقليمية او جغرافية الطابع وفق المنطقة التي تستخدم بها (اللهجة المصرية التي نعرفها هي لهجة القاهرة وليس اللهجة المصرية فهناك الاسكندرية والصعيد و الفلاحين الخ، واللهجة العراقية هي اللهجة البغدادية وليست لهجة الموصل أو البصرة أو مدن عانة و راوة مثلا). ويمكن لأي منا أن يرى الفروق بين لهجات مدن بلده وحتى لهجات قرى حول مدينة واحدة.
3. ثمة نوع ثالث بينهما وهو ما يسمى بلغة المثقفين او المزيج بين النوعين وهو ما نجده في النقاشات والاحاديث واللقاءات التلفزيونية والاذاعية.
يقتصر النوعين الثاني والثالث على اللغة المحكية في حين أن اللغة المكتوبة هي الفصيحة (و ينبغي أن تكون الفصيحة) فهناك الكثير ممن لا يكترثون بالفصيحة او لا يستطيعونها فيميلون الى الكتابة بالعامية حتى في سياقات صحفية او رسمية وليست تخاطبا بين اصدقاء. تكون اللهجة العامية مكتوبة في الشعر الشعبي والحوار في الأعمال الأدبية والتلفزيونية والسينمائية.
الفرق الشاسع نوعا ما في الاستخدام اللغوي في العربية مقارنة باللغات الاخرى جعل الوضع اللغوي ما يسمى بالازدواجية اللغوية diglossia. ولكن ليست هذه سُبة على العربية، لأن اللغات الأخرى لديها كذلك مستويان من الاستخدام الفصحي والعامي ولكن في العربية يكون البعد بين المستويين كبيرا. ولكن ستجدون في كثير من اللهجات العامية مفردات فصيحة وحتى كلاسيكية ولكنها لا تستخدم في لهجة المدينة المجاروة او البلد المجاور. المشكلة الرئيسية التي تواجهها العربية هي أننا لا نتعلم العربية الفصيحة في البيت بل في المدرسة ويبقى مقدار فصاحتنا رهينا بما نقرأ وجودة ما نقرأ وكثرته. ولذلك نجد أن اطفال اليوم يتعلمون من معلمين ضعيفي اللغة ويقرأون اساليب ركيكة في الكتب والصحف ويسمعون عربية عرجاء في التلفزيون فيشبون وعربيتهم كأنها عربية أجنبي او لا يحسنون التعبير بها (لدي كثير من الامثلة من طلبتي ممن تلقوا العربية بهذه الطريقة).
مع الود
ستار زويني